إن توحيد الربوبية هو أعظم برهان ودليل على توحيد الألوهية وهو بالنسبة له كالمقدمة بالنسبة للنتيجة، فمن أعتقد أن لهذا الكون العظيم الواسع خالقاً ومدبراً وقاهراً ومتصرفاً فيه، يفعل ما يشاء وله القدرة الكاملة على تبديله وتغييره وأنه الرازق لجميع المخلوقات بيده النفع والضر، ويمنع ويعطي، ويميت ويحي، وينجي عند الشدائد، والكربات ويجيب المضطر عند اضطراره، من اعتقد ذلك صدقاً تولد في قلبه حب ذلك الخالق العظيم، وهذه المحبة لابد أن تثمر خضوعاً وانكساراً وتذللاً، وانقياداً وطاعة وعبودية ورِقاً لمالك هذا الكون، وكثيراً ما يذكر الله سبحانه في كتابه الناس جميعهم بأنه هو المنعم عليهم والمتفضل عليهم بالخلق والرزق وجميع النعم، فيرشدهم بذلك لعبادته وحده لا شريك له (?)، قال تعالى: " يَا أَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاء وَالْأَرْضِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ " (فاطر، آية: 3).
المبحث الرابع
توحيد الأسماء والصفات
ومعناه: الإيمان بما أثبته الله تعالى لنفسه في كتابه وأثبته له رسوله صلى الله عليه وسلم في سنته من الأسماء الحسنى والصفات العلى، من غير تحريف ألفاظها أو معانيها، ولا تعطيلها بنفيها أو نفي بعضها عن الله عز وجل، ولا تكييفها بتحديد كُنهها، وإثبات كيفية معينة لها، ولا تشبيهها بصفات المخلوقين (?).