لِسَعْيِهِ " (الأنبياء، آية: 94). والسعي للآخرة هو العمل بكل ما يقرب إليها، ويدني منها، من الأعمال التي شرعها الله على لسان نبيه محمد صلى الله عليه وسلم، فإذا تأسست على الإيمان وانبنت عليه، كان السعي مشكوراً مقبولاً مضاعفاً، لا يضيع منه مثقال ذرة، وأما إذا فقد العمل الإيمان، فلوا يستغرق العامل ليله ونهاره، فإنه غير مقبول، قال تعالى: " وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاء مَّنثُورًا " الفرقان، آية: 23 " وذلك لأنها أسست على غير الإيمان بالله ورسوله، والذي روحه، الإخلاص بالمعبود، والمتابعة للرسول، قال تعالى: " قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُم بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا * الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا * أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَلِقَائِهِ فَحَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَلَا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْنًا " (الكهف، آية: 103 ـ 105)، فهم لما فقدوا الإيمان وحل محله الكفر بالله وآياته، حبطت أعمالهم، وقال تعالى: " لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ " (الزمر، آية: 65)، وقال تعالى: " وَلَوْ أَشْرَكُواْ لَحَبِطَ عَنْهُم مَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ " (الأنعام، آية: 88).
ولهذا كانت الردة عن الإيمان تحبط جميع الأعمال الصالحة، كما أن الدخول في الإسلام والإيمان يجب ما قبله، من السيئات وإن عظمت، والتوبة من الذنوب المنافية والقادحة فيه، والمنقصة له تجب ما قبلها (?).