كما قال صفوان ابن أمية في مثله: لأن تربني قريش خير من أن تربني هوازن.
وكما قال النابغة:
حذاراً على أن لا تنال مقادتي ... ولا نسوتي حتى يمتن حرائراً (?)
فنظر الإسلام إلى طريق بين مقصدي ـ نشر الحرية وحفظ نظام العالم ـ بأن سلَّط عوامل الحرية على عوامل العبودية مقاومة لها لتقليلها وعلاجاً للباقي منها، وذلك بإبطال أسباب كثيرة من أسباب الاسترقاق وقصره على سبب الأسر خاصة، فأبطل الاسترقاق الاختياري وهو بيع المرء نفسه، أو بيع كبير العائلة بعض أبنائها، وقد كان ذلك شائعاً في الشرائع وأبطل الاسترقاق لأجل الجناية بأن يحكم على الجاني ببقائه عبداً للمجني عليه، وقد حكى القرآن عن حالة مصر: " قَالُواْ جَزَآؤُهُ مَن وُجِدَ فِي رَحْلِهِ فَهُوَ جَزَاؤُهُ" (يوسف، آية: 75).
وقال: "كَذَلِكَ كِدْنَا لِيُوسُفَ مَا كَانَ لِيَأْخُذَ أَخَاهُ فِي دِينِ الملك" (يوسف، آية: 76).
وأبطل الاسترقاق في الدين الذي كان شرعاً للرومان، وكان أيضاً من شريعة سولون في اليونان من قبل، وأبطل الاسترقاق في الفتن والحروب الداخلية الواقعة بين المسلمين، وأبطل استرقاق السائبة، كما استرقت السيارة يوسف إذ وجدوه.
ثم إن الإسلام التفت إلى علاج الرق الموجود والذي يوجد بروافع ترفع ضرر الرق، وذلك بتقليله عن طريق تكثير أسباب رفعه، وبتخفيف آثار حالته، وذلك بتعديل تصرف المالكين في عبيدهم الذي كان مالكه معنتاً (?).
ومن منافذ الحرية للأرقاء التي فتحها الإسلام:
1 ـ جعل الإسلام تحرير الإرقاء إلى الله: " وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ" (البلد، آية: 12).
2 ـ كفارة يمين الحانث: إطعام عشرة مساكين .. أو تحرير رقبة.