وبهذا التعريف الجامع لا يمكن أن يخرج أي شيء من نشاطات الإنسان وأعماله سواء إن كان ذلك في العبادة المحضة أو في المعاملات المشروعة، أو في العادات التي طبع الإنسان على فعلها (?).
ولذلك يحرص المسلم أن تكون حياته كلها عبادة من لحظة التكليف إلى الموت، إمتثالاً لقول الله تعالى: " قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ" (الأنعام، آية: 162).
وهذه العبادات كلها تعد المسلم لتقوى الله، كما جاء في الآية التي ذكرناها: " اعْبُدُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ" (البقرة، آية: 21) (?).
2 ـ تقوى الله:
وهي أن يجعل العبد بينه وبين ربه وقاية من غضبه وسخطه وعذابه، وهي أن تعمل بطاعة الله على نور من الله ترجو ثواب الله، وأن تترك معصية الله على نور من الله تخاف عقاب الله (?)، وأساس تقوى الله خشية الله وذلك من عمل القلب، ولذا أضافها القرآن إليه وقال: " ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ" (الحج، آية: 32).
والله تعالى يأمر المؤمنين بالتقوى قبل أوامره سبحانه لتكون حافزاً له على إمتثال ما يأمر به، كما في قوله تعالى: " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَابْتَغُواْ إِلَيهِ الْوَسِيلَةَ وَجَاهِدُواْ فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ" (المائدة، آية: 35).
وقال تعالى: " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ" (الأحزاب، آية: 70 ـ 71).
وقال تعالى: " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَكُونُواْ مَعَ الصَّادِقِينَ" (التوبة، آية: 119).