وعند تأمل القرآن الكريم والسنة النبوية وما تحويه من أخبار وأوامر ونواه ووعد ووعيد، نجدها كلها تدور حول تقرير ألوهية الله سبحانه وتعالى وعبودية الإنسان له، فإذا كان خلق الإنسان وتسخير الكون له، وإيجاد العقل والقلب والإرادة فيه، وإرسال الرسل وإنزال الكتب وخلق الجنة والنار، وقبل ذلك وبعده ما تقتضيه صفات الباري ـ جل وعلا ـ من كونه في ذاته وأفعاله حكيماً عليماً، خلق كل شيء وقدره تقديرا، ولم يخلق شيئاً عبثاً، ولم يوجد شيئاً لغير حكمة، وإذا كان القرآن المجيد وما فيه من أخبار وأوامر ووعد ووعيد جاء لأجل هذه المهمة العظيمة، ألا وهي تعبيد الخلق كلهم لله سبحانه، ولذلك جعل الله دائرة العبادة التي خلق الله لها الإنسان، وجعلها غايته في الحياة، ومهمته في الأرض، دائرة رحبة واسعة: أن تشمل شئون الإنسان كلها، وتستوعب حياته جميعاً، وتستغرق كافة مناشطه وأعماله (?).
فالعبادة في مفهوم الإسلام: اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضا: من الأقوال والأعمال الباطنة والظاهرة، فالصلاة والزكاة والصيام والحج، وصدق الحديث، وأداء الأمانة وبر الوالدين، وصلة الأرحام، والوفاء بالعهود، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والجهاد على الكفار والمنافقين، والإحسان على الجار واليتامى والمسكين وابن السبيل والمملوك من الآدميين، والبهائم، والدعاء والذكر والقراءة وأمثال ذلك من العبادة، وكذلك حب الله ورسوله وخشية الله والإنابة إليه وإخلاص الدين له، والصبر لحكمه، والشكر لنعمه، والرضا لقضائه، والتوكل عليه، والرجاء لرحمته، والخوف لعذابه، وأمثال ذلك هي من العبادة (?).