وقال تعالى: " فَاتَّقُواْ اللّهَ وَأَصْلِحُواْ ذَاتَ بِيْنِكُمْ وَأَطِيعُواْ اللّهَ وَرَسُولَهُ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ" (الأنفال، آية: 1).
ويذكر الله في القرآن التقوى أحياناً قبل النواهي، لتكون دافعاً للإنتهاء عنها، كما في قوله تعالى: " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَذَرُواْ مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ * فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ فَأْذَنُواْ بِحَرْبٍ مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ" (البقرة، آية: 278 ـ 289).
بل يقص علينا القرآن أن الرسل جميعاً دعوا أقوامهم إلى تقوى الله، كما نجد في سورة الشعراء نوحاً، وهوداً، وصالحاً ولوطاً، وشعيباً يقول كل منهم لقومه: " فَاتَّقُواْ اللّهَ وَأَطِيعُونِ" (آلأ عمران، آية: 50).
ولهذا جعل القرآن وصية الله للأولين والآخرين هي التقوى، كما قال تعالى: "وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُواْ اللّهَ" (النساء، آية: 131).
ولم يكتف القرآن من المؤمنين بمجرد التقوى، بل قال: " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ" (آل عمران، آية: 102)، ومعناه: بذل الجهد واستفراغ الوسع في تقواه عز وجل، في حدود الطاقة والاستطاعة، كما قال في الآية الأخرى: " فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ" (التغابن، آية: 16)، وليست هذه الآية ناسخة للآية الأخرى، بل مبينة لها: أن تقوى الله حق تقواه انما تطلب في إطار المقدور للمكلف، ولا يكلف الله نفساً إلا وسعها.