وتتجلى عظمة القرآن الكريم ومنزلته العالية من خلال تسميته بالبرهان ذلك لأن الله تعالى أقام به الحُجة على عباده، تُبرهن لهم بطلان ما هم فيه من الدين المنسوخ، وهي حُجة متنوعة في الاستدلال لتستوعبها عقول البشر على اختلاف فهومهم وثقافاتهم، وهذا من رحمة الله تعالى وحكمته (?).
سمّى الله تعالى القرآن حقاً في مواضع عِدّة من كتابه، نأخذ منها ما له صلة بموضوعنا وهي:
ـ قوله تعالى:" وَإِنَّهُ لَحَقُّ الْيَقِينِ" (الحاقة، آية: 51).
أي: وإن القرآن لكونه من عند الله حق فلا ريب فيه ولا يتطرق إليه شك (?).
ـ وقال تعالى:" بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ" (الأنبياء، آية: 18).
والقذف: الرّمي، أي نرمي بالحق على الباطل "فيدمغه" أي: يقهره ويهلكه.
وأصل الدمغ: شجُّ الرأس حتى يبلغ الدماغ، ومنه الدّامغة، والحق هنا القرآن، والباطل الشيطان في قول مجاهد (?).
ـ وقال تعالى:" وَكَذَّبَ بِهِ قَوْمُكَ وَهُوَ الْحَقُّ قُل لَّسْتُ عَلَيْكُم بِوَكِيلٍ" (الأنعام، آية: 66).
والضمير في قوله "به" عائد على القرآن الذي فيه تصريف الآيات (?).
وقوله تعالى:" وَهُوَ الْحَقُّ" جملة اعتراضية تتضمن شهادة الله بأن هذا القرآن المنزَّل على هذا النبي الكريم صلى الله عليه وسلم هو الحق من الله (?).
والمعنى " وَكَذَّبَ بِهِ قَوْمُكَ" أي: بالقرآن الذي جئتم به، والهدى والبيان، " قَوْمُكَ" يعني قريشاً، " وَهُوَ الْحَقُّ" أي: الذي ليس وراءه حق، " قُل لَّسْتُ عَلَيْكُم بِوَكِيلٍ" أي: لستُ عليكم بحفيظ، ولست بموكل بكم (?).