وقيل الفرقان هو النجاة، سُمي بذلك، لأن الخلق في ظلمات الضلالات، وبالقرآن وجدوا النجاة وعليه حمل المفسرون قوله تعالى:" وَإِذْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَالْفُرْقَانَ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ" (البقرة، آية: 53) (?).
وسواء كانت تسمية القرآن العظيم بالفرقان، لأن نزوله كان متفرقاً في نيف وعشرين سنة بينما سائر كتب الله تعالى نزلت جملة واحدة، أو سُمي بذلك، لأنه يفرق بين الحق والباطل، أو لأن فيه نجاة من ظلمات الضلالات، فهذا الاختلاف في التنوع يدل دلالة صريحة على عظمة القرآن، ورفعة منزلته عند الله تعالى، وعلو شأنه (?).
سمىّ الله القرآن برهاناً في آية واحدة في كتابه العزيز، وهي قوله تعالى:"يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءكُم بُرْهَانٌ مِّن رَّبِّكُمْ" (النساء، آية: 174).
فهذا خطاب لكل أصحاب الملل، اليهود والنصارى والمشركين وغيرهم، أن الله تعالى أقام بهذا القرآن الحجة عليهم تُبرهن لهم بطلان ما هم عليه من الدين المنسوخ، وهذه الحجة تشمل الأدلة العقلية والنقلية والآيات الآفاقية، كما قال تعالى:" سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ" (فصلت، آية: 53).
بل كفى بالقرآن العظيم ـ وحده ـ برهاناً على صدق الرسول صلى الله عليه وسلم في دعوى الرسالة (?).
فالقرآن برهان من الله لعباده، أقام به الحجة عليهم وأظهر من خلاله أوضح الدلالات وأقواها على موضوعاته ومعانيه وحقائقه في العقيدة والحياة وكلُّ من تعامل مع أدلة القرآن في يُسرها ووضحها وتأثر قلبه وعقله بها، وقارنها بالأدلة والبراهين والأقيسة أوجدتها العقول البشرية وقررتها وبينتها كل من فعل ذلك يُدرك طرفاً من البرهان القرآني ويسره ووضوحه (?).