وقد اختار أبو بكر رضي الله عنه زيد بن ثابت لهذه المهمة العظيمة، وذلك لأنه رأى فيه المقومات الأساسية للقيام بها وهي:
1ـ كونه شاباً، حيث كان عمره 21 سنة، فيكون أنشط لما يطلب منه.
2ـ كونه أكثر تأهيلاً، فيكون أوعى له، إذ من وهبه الله عقلاً راجحأ فقد يسر له سبل الخير.
3ـ كونه ثقة، فليس هو موضعاً للتهمة، فيكون عمله مقبولاً، وتركن إليه النفس، ويطمئن إليه القلب.
4ـ كونه كاتباً للوحي، فهو بذلك ذو خبرة سابقة في هذا الأمر وممارسة عملية له فليس غريباً عن هذا العمل، ولا دخيلاً عليه (?).
هذه الصفات الجليلة جعلت الصديق يُرشح زيداً لجمع القرآن، فكان به جديراً، وبالقيام به خبيراً.
5ـ ويضاف لذلك أنه أحد الصحابة الذين جمعوا القرآن على عهد النبي صلى الله عليه وسلم مع الإتقان وأما الطريقة التي اتبعها زيد في جمع القرآن فكان لا يثبت شيئاً من القرآن إلا إذا كان مكتوباً بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم ومحفوظاً من الصحابة، فكان لا يكتفي بالحفظ دون الكتابة، خشية أن يكون في الحفظ خطأ أو وهم، وأيضاً لم يقبل من أحد شيئاً جاء به إلا إذا أتى معه شاهدان يشهدان أن ذلك المكتوب كتب بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنه من الوجوه التي نزل بها القرآن (?).
وعلى هذا المنهج استمر زيد رضي الله عنه في جمع القرآن حذراً متثبتاً مبالغاً في الدقة والتحري (?).