إن من مظاهر عناية الله بالقرآن الكريم وحفظه ما تمّ على يد الرسول صلى الله عليه وسلم وأمته من حفظ القرآن في صدورهم وكتابته في الصحف وقد بلغ الرسول صلى الله عليه وسلم وأمته في ذلك أرقى مناهج التوثيق ذلك أن القرآن الكريم نزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم ـ صلوات الله وسلامه عليه ـ منجماً في ثلاث وعشرين سنة (?)، حسب الحوادث ومقتضى الحال، وكانت السورة تدون ساعة نزولها، إذ كان المصطفى صلى الله عليه وسلم إذا ما نزلت عليه آية أو آيات قال: ضعوها في مكان كذا ... سورة كذا (?).
ولهذا اتفق العلماء على أن جمع القرآن توقيفي، بمعنى أن ترتيبه بهذه الطريقة التي نراه عليها اليوم في المصاحف إنما هو بأمر الله ووحي من الله (?).
وما يقال عن ترتيب آيات القرآن هو الذي يقوله إجماع المؤرخين والمحدّثين والباحثين عن ترتيب السور ووضع البسملة في رؤوسها، قال القاضي أبو بكر بن الطيب رواية عن مكي رحمه الله في تفسير سورة "براءة" إن ترتيب الآيات في السور، ووضع البسملة في الأوائل هو توقيف من الله عز وجل، ولما لم يؤمر بذلك في أول سورة براءة تركت بلا بسملة (?).
وروى القرطبي عن ابن وهب قال: سمعت سليمان بن بلال يقول سمعت ربيعة يُسأل: لم قدمت البقرة وآل عمران وقد نزل قبلهما بضع وثمانون سورة، وإنما نزلتا في المدينة؟ فقال ربيعة: قد قدمتا، وألفّ القرآن على علم ممّن ألفّه (?).