كما وردت لفظة "الجمع" بمعنى: "الكتابة والتدوين" والمعنى الأول آتاه الله تعالى ـ لخاتم أنبيائه ورسله صلى الله عليه وسلم ـ ولعدد غير قليل من صحابته الكرام وممن تابعهم من الصالحين إلى اليوم وحتى يوم الدين، وهؤلاء تدارسوا القرآن الكريم ولا يزالون يتدارسونه ويستظهرونه لتمكنوا من القراءة به في الصلوات المكتوبة وفي النوافل وفي الاستشهاد وأما جمع القرآن الكريم بمعنى تدوينه كتابة فقد مرّ بمراحل ثلاثة:
أولها جمع القرآن الكريم كتابة من فم رسول الله صلى الله عليه وسلم (?).
إن جميع الأحاديث الواردة في هذا الشأن تتفق على أن ترتيب آيات القرآن، حسبما عليه المصحف الآن، إنما هو ترتيب توقيفي، لم يجتهد فيه رسول الله ولا أحد من الصحابة في عهده أو من بعده وإنما كان يتلقى ترتيبها بعضها إلى جانب بعض، وحياً من عند الله بواسطة جبريل.
روى أحمد بإسناده عن عثمان بن أبي العاص، قال: كنت جالساً عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ شخص ببصره ثم صوّبه، قال:"أتاني جبريل فأمرني أن ضع هذه الآية هذا الموضع ببصره ثم صوّبه قال: أتاني حبريل فأمرني أن أضع هذه الآية هذا الموضع من هذه السورة:" إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى" (النحل، آية: 16/ 90) (?).