والنذور: جمع نذر وهو التزام قربة لم تتعين في الشرع (?)، ومنه ما وردت فيه الآية مما ينذره الحاج من أعمال البر في حجه من هدي ونحوه.
وهو ما شملته آية المائدة السابقة، لأن عقد يعقده المؤمن مع الله تبارك وتعالى فإفراده بالذكر من بين سائر العقود يدل على أهمية الوفاء به وحتى لا يفرط فيه المؤمن فيتخلى عن عدم الإيفاء به لعدم المطالب في الدنيا، إذ لا يزع على الإيفاء به إلا قوة الإيمان (?).
ولذلك كان تهديد الله تعالى للمفرطين به مخيفاً حيث قال:" وَمَا أَنفَقْتُم مِّن نَّفَقَةٍ أوْ نَذَرْتُم مِّن نَّذْرٍ فَإِنَّ اللّهَ يَعْلَمُهُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ" (البقرة، آية: 270).
فإذا كان النذر يعلمه الله تعالى فإن رهن المجازاة به أداء أو تفريطاً، فلا يخادع إلا نفسه إن هو لم يف به أما أذا وفّى به فإنه يكون ذا مكانة عالية عند الله تعالى، كما يدل عليه تنويه الله تعالى بأهل هذا الخلق العظيم في كتابه الكريم (?).
قال تعالى:" إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُواْ الأَلْبَابِ * الَّذِينَ يُوفُونَ بِعَهْدِ اللّهِ وَلاَ يِنقُضُونَ الْمِيثَاقَ" (الرعد، آية: 19 ـ 20).
فنعتهم الله تعالى بأولي الألباب، أي: أصحاب عقول، حيث هدتهم عقولهم إلى وجوب احترام العهود والمواثيق التي التزموا بها لخالقهم في الإيمان والعبادة، والمخلوقين في المعاملات والسلوك، فلا ينقضون عهداً ولا ميثاقاً ومنها قوله سبحانه في سياق تعداد صفات أهل البر من عباده، قال تعالى:" وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاء والضَّرَّاء وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ" (البقرة، آية: 177).