والأجدر بهؤلاء، لا سيما المنتسبين منهم إلى الإسلام أن يعتبروا بما حلّ بأشباههم في سالف الأزمان من الهلاك بسبب معاملاتهم الظالمة وإصرارهم عليها، أفيأمن أحدهم أن يأخذه الله بعاجل العذاب، ويجعله عبرة لأهل زمانه ولمن بعده، كما جعل قوم شعيب عبرة لأهل زمانهم ولمن بعدهم والعاقل من اتعظ بغيره، لا من وُعظ به غيره (?)، فقد كان قوم شعيب أهل شرك وكفر، وتطفيف للمكاييل والموازين، ولم يُجد معهم دعوة شعيب إيابهم إلى التوحيد، وإيفاء الكيل والميزان، بل ازدادوا عناداً وإصراراً، فأصابتهم الظلة وهي سحابة أظلتهم، فيها شرر من نار ولهب، ووهج عظيم، ثم جاءتهم صيحة من السماء ورجفة من الأرض شديدة من أسفل منهم، فزهقت الأرواح وفاضت النفوس، وخمدت الأجسام (?).
قال تعالى:" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَوْفُواْ بِالْعُقُودِ" (المائدة، آية: 1).
ومعنى الآية: يا أيها الذين التزمتم بإيمانكم أنواع العقود والعهود في إظهار طاعة، أوفوا بتلك العقود التي التزمتم بها وإنما سمى الله تعالى هذه التكاليف عقوداً، لأنه ربطها بعباده كما يربط الشيء بالشيء بالحبل الموثق (?)، فالآية الكريمة تنادي الموصوفين بالإيمان أن يفوا بالعقود التي التزموا بها، ووصفهم بالإيمان تهييجاً لهم على الوفاء بالعقود، لأن ذلك من مقتفيات الإيمان الذي تعلوا به (?).
قال تعالى:" ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ (?) وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ" (الحج، آية: 29).