وقد فصل في آيات أخرى عظمة ذلك الأجر فقال:" إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُواْ الأَلْبَابِ * الَّذِينَ يُوفُونَ بِعَهْدِ اللّهِ وَلاَ يِنقُضُونَ الْمِيثَاقَ * وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللّهُ بِهِ أَن يُوصَلَ وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخَافُونَ سُوءَ الحِسَابِ * وَالَّذِينَ صَبَرُواْ ابْتِغَاء وَجْهِ رَبِّهِمْ وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ وَأَنفَقُواْ مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلاَنِيَةً وَيَدْرَؤُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ أُوْلَئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ * جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَالمَلاَئِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِم مِّن كُلِّ بَابٍ * سَلاَمٌ عَلَيْكُم بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ" (الرعد، آية: 19 ـ 24).
فترى أن ذلك الأجر العظيم لم يقتصر عليهم بل سرى إلى أصولهم وفروعهم وأهليهم وأي نعيم للمرء أكبر من أن يصحبه فيه أصوله وفروعه وأهلوه، لا جرم لا يفرط عاقل بهذا الثناء وذلك الجزاء بعد أن يعلمه وهو قادر على أن يناله إلا أن يكون ممن غلبت عليه شقوته، وأولئك لهم سوء الدار.
الوفاء بالكيل والوزن، وهو المجال الذي يتعلق كلية بحقوق الآخرين، وما يترتب عليه من قوام حياتهم ومعاشهم، وهو المجال الذي لا سبيل إلى التساهل فيه لأنه مبني على المشاحة والمقاصة، فالوفاء فيه يصلح للناس أحوالهم، ويحفظ لهم حقوقهم، ولهذا تكرر الأمر به في القرآن الكريم خمس مرات منها:
ـ قوله تعالى:" وَأَوْفُواْ الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ" (الأنعام، آية: 152).
ـ وقال تعالى:" وَأَوْفُوا الْكَيْلَ إِذا كِلْتُمْ وَزِنُواْ بِالقِسْطَاسِ الْمُسْتَقِيمِ" (الإسراء، آية: 35) (?).