إذ الذلة التي يتحلون بها فيما بينهم بسبب التراحم بينهم، وهذا دليل على أن الرحمة من أجل صفات المؤمنين حيث كان حديث القرآن عن الرحمة لديهم في معرض الامتنان والثناء والمدح البليغ، مما يدل على عظيم مكانة المتراحمين من المسلمين عند الله تعالى، وفد دلَّ على ذلك ما أعده الله تعالى لهم من الأجر والثواب الذي أخبر الله تعالى عنه بقوله: " ثُمَّ كَانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ وَتَوَاصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ * أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ (البلد، آية: 17 ـ 18).
أي أصحاب اليمين الذين يعطون كتبهم بأيمانهم والذين قال الله تعالى فيهم:" وَأَصْحَابُ الْيَمِينِ مَا أَصْحَابُ الْيَمِينِ * فِي سِدْرٍ مَّخْضُودٍ * وَطَلْحٍ مَّنضُودٍ * وَظِلٍّ مَّمْدُودٍ * وَمَاء مَّسْكُوبٍ * وَفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ * لَّا مَقْطُوعَةٍ وَلَا مَمْنُوعَةٍ * وَفُرُشٍ مَّرْفُوعَةٍ" (الواقعة، آية: 27 ـ 34) (?).
وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم القدوة الحسنة في تحقيق هذا المقصد وهو الرحمة بالعالمين، فكانت رحمته بالمؤمنين، وبالأهل والعيال وبالضعفاء والكافرين والحيوان وكتب السيرة مليئة بالمواقف والأحاديث الدالة على ذلك.
والوفاء من أخلاق السلوك الإجتماعية العظيمة، التي كان للقرآن الكريم بها عناية فائقة لما له من عظيم الدلالة على تزكية النفوس، وصفاء الفطر وسلامة الإيمان (?).
رغب الله تعالى بالوفاء بالعهود بما أعد الله لهم من الثواب وبما أثنى به عليهم في محكم الكتاب، قال تعالى:" وَمَنْ أَوْفَى بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا" (الفتح، آية: 10).