ولا شك أن هذا تعظيم لشأن القرآن، وتمثيل لعلوّ قدره وشدّة تأثيره في النفوس، لما فيه من بالغ المواعظ والزواجر، ولما اشتمل عليه من الوعد الحقّ والوعيد الأكيد، فإذا كان الجبل في غلظته وقساوته لو فهم هذا القرآن ـ كما فهمتموه ـ لخشع وتصدّع من خوف الله تعالى، فكيف يليق بكم أيُّها البشر ألّا تلين قلوبكم وتخشع وتتصدّع من خشية الله، وقد فهمتم عن الله أمره، وتدبّرتم كتابه (?)، والمقصود من إيراد الآية: إبراز عظمة القرآن الكريم، والحث على تأمل مواعظة الجليلة، إذ لا عذر لأحد في ذلك، وأداء حق الله تعالى في تعظيم كتابه، وتوبيخ من لا يحترم هذا القرآن العظيم، وفيه كذلك تمثيل وتخييل لعلوِّ شأن القرآن وقوة تأثير ما فيه من المواعظ (?)

7 ـ انقياد الجمادات لعظمة القرآن:

قال تعالى:" وَلَوْ أَنَّ قُرْآنًا سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبَالُ أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الأَرْضُ أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتَى" (الرعد، آية: 31).

فهذا شرط جوابه محذوف، والمراد منه: تعظيم شأن القرآن العظيم.

والمعنى: ولو أن قرآناً سُيرت به الجبال عن مقارّها وزُعزعت عن مضاجعها أو قُطعّت به الأرض حتى تتصدّع وتتزايل قطعاً، أو كُلم به الموتى فتسمع وتجيب لكان هذا القرآن لكونه غاية في التذكير ونهاية في التخويف (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015