ـ إثبات أنه مستقيم مقيم: فالقرآن العظيم مستقيم في ذاته، مقيم للنفوس على جادّة الصوّاب واثبات الاستقامة يقتضي أنه لا يُخبرُ ولا يأمر إلا بأجلّ الاخبارات، وهي الأخبار التي تملأ القلوب معرفة وإيماناً وعقلاً، كالإخبار بأسماء الله وصفاته وأفعاله، والإخبار بالغيوب المتقدمة والمتأخرة، وأن أوامره ونواهيه، تزكي النفوس وتطهرها وتنميّها وتكمّلها لاشتمالها على كمال العدل والقسط، والإخلاص، والعبودية لله رب العالمين، وحده لا شريك له، فحقيق بكتاب موصوف بما ذُكر، أن يَحمد الله تعالى نفسه على إنزاله (?)، وينفي العوج عن القرآن الكريم وإثبات استقامته تتجلى عظمته وعلّو شأنه، ومنزلته عند الله (?).
قال تعالى:" لَوْ أَنزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَّرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُّتَصَدِّعًا مِّنْ خَشْيَةِ اللَّهِ" (الحشر، آية: 21) أي: لا تّعظ الجبل وتصدّع صخره من شدّة تأثره من خشية الله، ففي هذا: بيان حقيقة تأثير القرآن وفعاليته في المخلوقات، ولو كانت جبلاً أشم، وحجراً أصم (?)، وضُرب التصدّع مثلاً لشدة الانفعال والتأثر، لأن منتهى تأثر الأجسام الصلبة أن تنشق وتتصدّع ولا يحصل ذلك بسهولة.
والخشوع: هو التّطأطؤ والرّكوع، أي: لرأيته ينزل أعلاه إلى الأرض.
والتصدع: التشقق، أي لتزلزل وتشقق من خوف الله تعالى (?).