وفي الإرادة الكونية قد يبغض الله تعالى طاعة العاصي ولا يعينه عليها بعد الإراشاد والنصح والبيان، وذلك لحكمه عظيمة جليلة، كما قال تعالى في المنافقين الذين تخلفوا مع الخوالف في بيوتهم، وتركوا الخروج للجهاد مع النبي صلى الله عليه وسلم كما في غزوة تبوك: " وَلَوْ أَرَادُواْ الْخُرُوجَ لأَعَدُّواْ لَهُ عُدَّةً وَلَكِن كَرِهَ اللّهُ انبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ وَقِيلَ اقْعُدُواْ مَعَ الْقَاعِدِينَ" (التوبة، آية: 46)، وقد بين الله تعالى الحكمة في بغضه لطاعته فقال: "لَوْ خَرَجُواْ فِيكُم مَّا زَادُوكُمْ إِلاَّ خَبَالاً ولأَوْضَعُواْ خِلاَلَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ وَاللّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ" (التوبة، آية: 47).

وهو سبحانه: "لَايُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ" (الأنبياء، آية: 23)، وذلك لأنه يتصرف في ملكه، وهذا ليس فيه ظلم، إنما الظلم في الحقيقة يكون من تصرف المتصرف فيما لا يملك، ومنع المستحق ما يستحقه، والله تعالى لا يجب عليه شئ لأحد حتى يحاسب على ما ضيق ومنع، وعلى ما أهان وخذل، وإنما هو حكمة بالغة ورحمة واسعة وعدل قويم (?).

أ ـ كيف يريد الله أمراً ولا يرضاه ولا يحبه؟ وكيف تجتمع إرادته له وبغضه وكراهته؟

فالمراد نوعان: مراد لنفسه، ومراد لغيره.

فالمراد لنفسه مطلوب محبوب لذاته، وما فيه من الخير، فهو مراد إرادة الغايات والمقاصد.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015