إن فرعون لما أخبره موسى بأن ربه الذي أرسله هو الذي خلق ورزق وقدّر وهدى، شرع يحتج بالقرون الأولى، أي: الذين لم يعبدوا الله، أي: فما بالهم إذا كان الأمر كما تقول لم يعبدوه بل عبدوا غيره؟ فقال له موسى في جواب ذلك: هم وإن لم يعبدوه فإن عَملَهمُ عند الله مضبوط عليهم، وسيجزيهم بعملهم في كتاب الله وهو اللوح المحفوظ وكتاب الأعمال " لَّا يَضِلُّ رَبِّي وَلَا يَنسَى" أي: لا يشذ عنه شيء ولا يفوته صغير ولا كبير ولا ينسى شيئاً، يصف علمه تعالى بأنه بكل شيء محيط، وأنه لا ينسى شيئاً تبارك وتعالى وتقدّس وتنزه، فإن علم المخلوقات يعتريه نقصانان، أحدهما: عدم الإحاطة بالشيء، والآخر: نسيانه بعد علمه، فنزه نفسه عن ذلك (?).
10 ـ وقال تعالى:" وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنثَى وَلَا تَضَعُ إِلَّا بِعِلْمِهِ وَمَا يُعَمَّرُ مِن مُّعَمَّرٍ وَلَا يُنقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلَّا فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ" (فاطر، آية: 11).
ـ الأدلة من السنة:
1 ـ قال عبد الله بن عمرو بن العاص، ـ رضي الله عنهما ـ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: كتب الله مقادير الخلائق قبل أن يخلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة، قال: وكان عرشه على الماء (?)، فالدليل من الحديث قوله: كتب الله مقادير الخلائق قبل أن يخلق السموات والأرض، فالمراد تحديد وقت الكتابة في اللوح المحفوظ أو غيره، لا أصل التقدير فإن ذلك أزلي لا أول له وقوله:" وعرشه على الماء" أي: قبل خلق السموات والأرض (?).