الايمان بالقدر (صفحة 312)

1ـ الإقدام على عظائم الإمور:

الإيمان بالقدر في حياة المؤمن أقوى حافز للعمل الصالح والإقدام على عظائم الإمور بثبات وعزم وثقة ولقد كانت الصورة الصحيحة للإيمان بالقدر في حياة الأجيال الأولى من المسلمين هي التي صنعت تلك العجائب التي سجلها تاريخهم والتي ثبتت الدعوة في الأرض ونشرتها على نطاق واسع في فترة وجيزة من الزمن لا مثيل لها ـ في قصرها ـ في التاريخ، وهي التي أقامت هذا البناء الشاهق في كل ميدان من ميادين الحياة، نعم، لقد كان من أول ثماره الباهرة ذلك الاستبسال في الجهاد في سبيل الله وفي سبيل نشر الدعوة (?)، فقد كانوا لا يخافون الموت، لأنهم يوقنون بأن الآجال محددة لا تتأخر ولا تتقدم لحظة واحدة ولما كانت هذه العقيدة راسخة في قلوب المؤمنين ثبتوا في القتال وعزموا على مواصلة الجهاد، فجاءت ملاحم تحمل أروع الأمثلة على الثبات والصمود أمام الأعداء مهما كانت قوتهم (?)، ومهما كان عددهم، لقد أيقنوا بقول الله تعالى:"قُل لَّن يُصِيبَنَا إِلاَّ مَا كَتَبَ اللّهُ لَنَا هُوَ مَوْلاَنَا وَعَلَى اللّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ" (التوبة، آية: 51).

فإذا كان لا يصيب الإنسان إلا ما كتبه الله له، سواء كان قاعداً في بيته أو في ميدان القتال، ففيم الجبن وفيم الفرار من القتال خوفاً من الموت؟ فهل القتال هو الذي يقتل؟ أم قدر الله لإنسان ما أن يموت في لحظة معينة في حالة معينة هو الذي يميته؟ وإذا كان كتب عليه الموت فهل يعفيه منه ألا يذهب إلى القتال؟ وإن كان لم يكتب عليه فهل يقتله الذهاب إلى الميدان؟

طور بواسطة نورين ميديا © 2015