الايمان بالقدر (صفحة 313)

هكذا كان الأمر في حسّهم فأقبلوا على الجهاد في ثقة وثبات وعزم، وكان منهم ما سجله التاريخ من مواقف رائعة من الشجاعة والصبر على الشدة مع الإطمئنان إلى قدرة الله سبحانه، ولقد وعى المسلمون كذلك الدرس الذي نزل عليهم في سورة آل عمران بشأن غزوة أحد، حين قال المنافقون:"هَل لَّنَا مِنَ الأَمْرِ مِن شَيْءٍ" فرد عليهم:"قُلْ إِنَّ الأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ" وحين قالوا:"لَوْ كَانَ لَنَا مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ مَّا قُتِلْنَا هَاهُنَا" فرد عليهم:"قُل لَّوْ كُنتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ إِلَى مَضَاجِعِهِمْ" وحين قال الله للمؤمنين:"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَكُونُواْ كَالَّذِينَ كَفَرُواْ وَقَالُواْ لإِخْوَانِهِمْ إِذَا ضَرَبُواْ فِي الأَرْضِ أَوْ كَانُواْ غُزًّى لَّوْ كَانُواْ عِندَنَا مَا مَاتُواْ وَمَا قُتِلُواْ لِيَجْعَلَ اللّهُ ذَلِكَ حَسْرَةً فِي قُلُوبِهِمْ وَاللّهُ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَاللّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ * وَلَئِن قُتِلْتُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أَوْ مُتُّمْ لَمَغْفِرَةٌ مِّنَ اللّهِ وَرَحْمَةٌ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ * وَلَئِن مُّتُّمْ أَوْ قُتِلْتُمْ لإِلَى الله تُحْشَرُونَ" (آل عمران، آية: 156 ـ 158). وعوه فأيقنوا أنه لا يموت إلا من كتب عليه الموت ولو كان في مضجعه في بيته وأنه إن لم يكن كُتب عليه الموت في تلك اللحظة فكل هول الحرب وكل سهام الأعداء وسيوفهم لن تصيبه بالموت وأيقنوا كذلك أنه حين يكون الإنسان في القتال ويموت ـ بقدر من الله ـ فأمامه المثوبة والأجر وهو الكاسب بهذا القدر الذي قدره له الله، لذلك كان القتال في سبيل الله أمراً محبباً إلى نفوسهم، فنصروا الله فنصرهم وثبت أقدامهم (?)، كما وعد سبحانه:"إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ" (محمد، آية: 7).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015