الايمان بالقدر (صفحة 301)

إن مجرد معرفة حسن الأفعال وقبحها بالعقل قبل بعثة الرسول صلى الله عليه وسلم لا يترتب عليه الثواب والعقاب، كما أننا نثبت حسن الأفعال وقبحها لذاتها ومعرفة العقل لذلك، كما أنه له مدخل في معرفة حسن بعض الأفعال وقبحها، وأما الثواب على فعل الأفعال الحسنة فإنما هو من قبل الشارع والعقاب على فعل الأفعال القبيحة، إنما هو من قبل الشارع، فلا يجب شئ على المكلف قبل ورد الشرع، والثواب والعقاب متوقف على بعثة الرسل، كما قال تعالى: "وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً" (الإسراء، آية: 15).

وتحقيق الحق في هذا الأصل العظيم أن القبح ثابت في نفسه، وأنه لا يعذب الله عليه إلا بعد إقامة الحجة بالرسالة (?).

والحق الذي لا يجد التناقض إليه السبيل إن الأفعال في نفسها حسنة وقبيحة، كما أنها نافعة وضارة، ولكن لا يترتب عليها ثواب ولا عقاب، إلا بالأمر والنهي، وقبل ورود الأمر والنهي لا يكون العمل القبيح موجباً للعقاب مع قبحه في نفسه، والأوثان، والكذب، والزنا، والظلم، والفواحش كلها في ذاتها، والعقاب عليها مشروط بالشرع (?).

فالله سبحانه وتعالى لا يعذب عباده إلا بعد إقامة الحجة عليهم ببعثة الرسل عليهم فضلاً منه تعالى ورحمة، قال تعالى: "وَمَا كُنَّا مُهْلِكِي الْقُرَى إِلَّا وَأَهْلُهَا ظَالِمُونَ" (القصص، آية: 59).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015