الايمان بالقدر (صفحة 300)

5ـ لقد ضرب الله أمثلة عقلية كثيرة دالة على حسن التوحيد ومدح فاعله، وعلى قبح الشرك وذمه وذم فاعله، والأدلة فيه كثيرة، فمن ذلك قول الله تعالى:"ضَرَبَ لَكُم مَّثَلًا مِنْ أَنفُسِكُمْ هَل لَّكُم مِّن مَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُم مِّن شُرَكَاء فِيمَا رَزَقْنَاكُمْ فَأَنتُمْ فِيهِ سَوَاء تَخَافُونَهُمْ كَخِيفَتِكُمْ أَنفُسَكُمْ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ" (الروم، آية: 28). ففي هذا المثل بيان من الله للمشركين أنهم إذا كانوا لا يرضون أن يكون مماليكهم شركاء لهم، فكيف ساغ لهم أن يجعلوا المخلوقين شركاء للخالق فالخالق أولى بالتنزيه ونفي الشريك في العبادة (?)، فلو كان الشرك قبيحاً لمجرد النهي عنه، لاكتفى بالنهي عنه فقط، ولم يذكر مثلاً يدل على قبحه في العقول والفطر (?).

ومنه قول الله تعالى:"أَأَتَّخِذُ مِن دُونِهِ آلِهَةً إِن يُرِدْنِ الرَّحْمَن بِضُرٍّ لاَّ تُغْنِ عَنِّي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا وَلاَ يُنقِذُونِ * إِنِّي إِذًا لَّفِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ" (يس، آية: 23 ـ 24).

فلم يحتج الله عليهم بمجرد الأمر، بل احتج عليهم بالعقل ومقتضى الفطرة، لأن من لا يملك دفع ضر عن نفسه فأولى أن لا يقدر على دفعه عن غيره، فكانت عبادته من كان نافعاً ضلالاً مبيناً (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015