الايمان بالقدر (صفحة 295)

والثلاثة الذين خلفوا بعد المعصية وبعد المصيبة التي أصابتهم حتى ضاقت عليه أنفسهم وضاقت عليهم الارض بما رحبت وصار ينكرهم الناس حتى أقاربهم، صار قريبه يشاهده وكأنه أجنبي منه ـ ومن شدة ما في نفسه تنكرت نفسه عليه، فبعد هذا الضيق العظيم صار لهم بعد التوبة فرح ليس له نظير أبداً، وصارت حالهم أيضاً، بعد أن تاب الله عليهم أكمل من قبل وصار ذكرهم بعد التوبة أكبر من قبل، فقد ذُكروا بأعينهم قال:"وَعَلَى الثَّلاَثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُواْ حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنفُسُهُمْ وَظَنُّواْ أَن لاَّ مَلْجَأَ مِنَ اللّهِ إِلاَّ إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُواْ إِنَّ اللّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ" (التوبة، آية: 118) (?).

فهذه آيات عظيمة تتلى في محاريب المسلمين ومنابرهم إلى يوم القيامة وهذا شيء عظيم، وسواء كان ذلك في الإمور الشرعية أو في الإمور الكونية، ولكن هاهنا أمر يجب معرفته وهو أن الخيرية والشرية ليست باعتبار قضاء الله سبحانه وتعالى، فقضاء الله تعالى كله خير، حتى ما يقضيه الله من شر هو في الواقع خير، وإنما الشر في المقضي، أما قضاء الله نفسه فهو خير والدليل قول النبي صلى الله عليه وسلم: الخير بيديك والشر ليس إليك (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015