الايمان بالقدر (صفحة 294)

ب ـ الشر لا ينسب إلى الله:

الشر لا ينسب إلى الله، قال صلى الله عليه وسلم: والشر ليس إليك (?)، فلا ينسب الشر لا فعلاً ولا تقديراً ولا حكماً، بل الشر في مفعولات الله لا في فعله، ففعله كله خير وحكمة، ويظهر الفرق بين الفعل والمفعول في المثال التالي:

ولدك حينما يشتكي ويحتاج إلى كي تكويه بالنار، فالمفعول شر ولكن الفعل خير، لأنك تريد مصلحته، ثم إن ما يقدره الله لا يكون شراً محصناً، بل في محله وزمانه فقط، فإذا أخذ الله الظالم أخذ عزيز مقتدر صار ذلك شراً بالنسبة له، أما لغيره ممن يتعظ بما صنع الله، فيكون خيراً، قال تعالى في القرية التي اعتدت في السبت"َفجَعَلْنَاهَا نَكَالاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهَا وَمَا خَلْفَهَا وَمَوْعِظَةً لِّلْمُتَّقِينَ" (البقرة، آية: 66).

وكذا إذا استمرت النعم على الإنسان حمله ذلك على الأشر والبطر، بل إذا استمرت الحسنات ولم تحصل منه سيئة تكسر من حدة نفسه، فقد يغفل عن التوبة وينساها ويغتر بنفسه ويعجب بعمله وكم من إنسان أذنب ذنباً ثم تذكر واستغفر وصار بعد التوبة خيراً منه قبلها، لأنه كلما تذكر معصيته هانت عليه نفسه وحد من عليائها، فهذا آدم عليه ـ الصلاة والسلام ـ لم يحصل له الإجتباء والتوبة والهداية إلا بعد أن أكل من الشجرة وحصل منه الندم قال تعالى:"رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا وَإِن لَّمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ" (الأعراف، آية: 23) فقال تعالى:"ثُمَّ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَى" (الشورى، آية: 122).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015