نقول في مثل هذه الإمور إننا قد تدرك حكمتها وقد لا تدرك فإن كثيراً من الأشياء لا نعلم حكمتها كما قال تعالى:"وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُم مِّن الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً" (الإسراء، آية: 85)، فإن هذه المخلوقات لو سألنا سائل ما الحكمة أن الله جعل الإبل على هذا الوجه، وجعل الخيل على هذا الوجه، وجعل الحمير على هذا الوجه، وجعل الآدمي على هذا الوجه، وما أشبه ذلك، ولو سألنا عن الحكمة في هذه الأمور ما علمناها ولو سئلنا ما الحكمة في أن الله عز وجل جعل الظهر أربعاً وصلاة العصر أربعاً والمغرب ثلاثاً وصلاة العشاء أربعاً وما أشبه ذلك ما استطعنا أن نعلم الحكمة في ذلك وبهذا علمنا أن كثيراً من الأمور الكونية وكثيراً من الأمور الشرعية تخفي علينا حكمتها وإذا كان كذلك فإنا نقول إن التماسنا للحكمة في بعض الأشياء المخلوقة أو المشروعة إن منّ الله علينا بالوصول إليها فذاك زيادة فضل وخير وعلم، وإن لم تصل إليها فإن ذلك لا ينقصنا شيئاً، ثم نعود إلى جواب السؤال وهو ما الحكمة في أن الله عز وجل وكل بنا كراماً كاتبين يعلمون ما نفعل؟ فالحكمة من ذلك بيان أن الله سبحانه وتعالى نظم الاشياء وقدّرها وأحكمها إحكاماً متقناً حتى إنه سبحانه وتعالى جعل على أفعال بني آدم وأقوالهم كراماً كاتبين موكلين بهم يكتبون ما يفعلون مع أن سبحانه وتعالى عالم بما يفعلون قبل أن يفعلوه ولكن كل هذا من أجل بيان كمال عناية الله عز وجل بالإنسان، وكمال حفظه تبارك وتعالى وأن هذا الكون منظم أحسن نظام ومحكم أحسن إحكام والله عليم حكيم (?).