ما علمنا إياه رسول الله صلى الله عليه وسلم في كيفية مجازاة الناس بجنس أعمالهم والشاهد الصريح في ذلك ما قاله صلى الله عليه وسلم عن أبي بكر ـ رضي الله عنه ـ: ما لأحد عندنا يد إلا وقد كافأناه ما خلا أبا بكر، فإن له عندنا يداً يكافيه الله بها يوم القيامة (?)، فأبو بكر ـ رضي الله عنه ـ بذل كل ما يملك ـ من مال ونفس وأهل وولد ـ لنصرة النبي صلى الله عليه وسلم، وكان عطاؤه بلا حدود، يستحق الجزاء من صاحب النعمة المطلقة، وولي كل منحة وجود، فرد النبي صلى الله عليه وسلم مكافأته لله عز وجل، ليتفضل على أبي بكر بالإنعام والإكرام، وليكون الأصل في الجزاء أن يكون من جنس العمل (?).
والمثال الثاني في عصر النبوة: أنه لما أُسرت ابنة حاتم الطائي في أيدي المسلمين ورآها رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت له: كان أبي يفك العاني، يحمي الذمار، ويقري الضيف، ويشبع الجائع، ويفرج عن المكروب، ويطعم الطعام، ويفشي السلام، ولم يرد طالب حاجة. فقال صلى الله عليه وسلم: "خلوا عنها، فإن أباها كان يحب مكارم الأخلاق" (?).
وفي رواية: فخلى سبيلها رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت: فكساني رسول الله صلى الله عليه وسلم وحملني، وأعطاني نفقة حتى خرجت إلى أخي عدي بالشام (?).
لقد عاملها الرسول صلى الله عليه بجنس ما كان أبوها يعامل الناس رغم كفر أبيها، ليدلنا ذلك، على أن هذه القاعدة عامة ما لم تحرم أصلاً شرعياً، أو تعارض دليلاً قطعياً (?).