الايمان بالقدر (صفحة 259)

المبحث السابع: العدل الإلهي وسنة الله في الجزاء بجنس العمل:

من أسماء الله الحسنى "العدل" ولم يأت هذا الاسم في القرآن الكريم وقد جاء في حديث الأسماء الحسنى وأجمعت عليه الأمة ومعناه:

العادل: وهو الذي يصدر منه فعل العدل وهو المضاد للجور والظلم وهو الذي لا يميل به الهوى فيجور في الحكم وإذا آمن العبد بأن الله هو العدل لم يعترض عليه في أحكامه وتدبيره وسائر أفعاله، وافق مراد العبد أو لم يوافق، لأن كل ذلك عدل وهو كما ينبغي وعلى ما ينبغي (?).

فالعدل كل أفعاله وأحكامه سداد وصواب وحق وهو سبحانه قد أوضح السبل وأرسل الرسل، وأنزل الكتب وأزاح العلل ومكّن من أسباب الهداية والطاعة بالاسماع والأبصار والعقول وهذا عدله ووفق من شاء بمزيد عناية وأراد من نفسه أن يُعينه ويُفقّه، فهذا فضله، وخذل من ليس بأهل لتوفيقه وفضله، وخلىّ بينه وبين نفسه، ولم يُرد سبحانه من نفسه أن يوفقه، فقطع عنه فضله، ولم يحرمه عدله (?).

وقد اتفق أهل الأرض والسموات على أن الله تعالى "عدل" لا يظلم أحداً، حتى أعداءه المشركين الجاحدين لصفات كماله، فإنهم مقرّون له بالعدل، ومُنزّهون له عن الظلم، حتى إنهم ليدخلون النار وهم مُعترفون بعدله، كما قال تعالى:"فَاعْتَرَفُوا بِذَنبِهِمْ" (الملك، آية: 11).

وقال تعالى:"يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالإِنسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِّنكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي وَيُنذِرُونَكُمْ لِقَاء يَوْمِكُمْ هَذَا قَالُواْ شَهِدْنَا عَلَى أَنفُسِنَا وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَشَهِدُواْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُواْ كَافِرِينَ" (الأنعام، آية: 130).

فهو سبحانه ـ قد حرّم الظلم على نفسه وأخبر أنه لا يُهلك:"الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا غَافِلُونَ" (الأنعام، آية: 131).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015