وفي المضمار نفسه أخبر النبي صلى الله عليه وسلم صحابته بأن الله كتب المقادير، فقالوا: أفلا نمكث على كتابنا وندع العمل؟ فقال صلى الله عليه وسلم: "من كان من أهل السعادة فسيصير إلى عمل أهل السعادة، ومن كان من أهل الشقاوة فسيسير إلى عمل أهل الشقاوة، اعملوا فكل ميسر، أما أهل السعادة فييسرون لعمل أهل السعادة، وأما أهل الشقاوة فييسرون لعمل أهل الشقاوة، ثم قرأ: "فَأَمَّا مَن أَعْطَى وَاتَّقَى * وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى * وَأَمَّا مَن بَخِلَ وَاسْتَغْنَى * وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى* فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى" (الليل، آية: 5 ـ 10).
وفي هذا الحديث النهي عن ترك العمل والاتكال على ما سبق به القدر، بل تجب الأعمال والتكاليف التي ورد الشرع بها، وكل ميسر لما خلق له لا يقدر على غيره (?).
فالنبي صلى الله عليه وسلم أرشد الأمة في هذا الحديث في شأن القدر إلى أمرين هما سبب السعادة: الإيمان بالأقدار، إذ هو نظام التوحيد، والإتيان بالأسباب التي توصل إلى غيره وتحجز عن شره، وذلك نظام الشرع، فأرشدهم إلى نظام التوحيد والأمر (?).