الايمان بالقدر (صفحة 194)

ـ الرحلة الثالثة:

تختلف عن الرحلتين السابقتين من حيث طبيعة الأرض والتعامل مع البشر وكان المنطقة، ومن حيث الأعمال التي قام بها، فلم يقتصر فيها على الأعمال الجهادية لكبح جماح الأشرار والمفسدين، بل قام بعمل عمراني هائل، أما الأرض فوعرة المسالك، وأما السكان ـ وكأن وعورة الأرض قد أثرت في طبائعهم، وطريقة تخاطبهم مع غيرهم ـ ففي التفاهم والمخاطبة لا يكاد الإنسان منهم يقدر على التعبير عما في نفسه، ولا أن يفقه ما يحدثه به غيره من غير بني قومه:"وَجَدَ مِن دُونِهِمَا قَوْمًا لَّا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلًا" (الكهف، آية: 93).

ونلاحظ من خلال السياق القرآني أن هؤلاء القوم اتصفوا بصفات منها:

ـ هم قوم متخلفون "لَّا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلًا" ,هذا إما معناه أنهم لا يفقهون لغة غيرهم من الأقوام الأخرى، لأنهم لم يطلعوا عليها ولم يتعلموها، فهم منغلقون على لغتهم فقط. وإمّا معناه: إن الكلام لا ينفع معهم، لأنهم لا يفقهون، ولا يتفاعلون معه، ولا يتفاهمون مع قائله، لا يفعلون هذا لجفاء وغلظة عندهم، أو لغفلة وسذاجة في طبيعتهم.

ـ هم قوم ضعفاء: ولذلك عجزوا عن صدّ هجمات يأجوج وماجوج والوقوف في وجههم، ومنع أفسادهم.

هم قوم عاجزون عن الدفاع عن أرضهم، ومقاومة المعتدين ولذلك لجأوا إلى قوة أخرى خارجية، قوة ذي القرنين، حيث طلبوا منه حل مشكلاتهم والدفاع عن أراضيهم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015