إنها سياسة العدل التي تورث التمكين في الحكم والسلطة وفي قلوب الناس الحب والتكريم للمستقيمين، وإدخال الرعب في قلوب أهل الفساد والظلم، فالمؤمن المستقيم يجد الكرامة والود والقرب من الحاكم، ويكون بطانته وموضع عطفه وثقته ورعاية مصالحه وتيسير أموره، أما المعتدي المتجاوز للحد، المنحرف الذي يريد الفساد في الأرض فسيجد العذاب الرادع من الحاكم في الحياة ثم يرد إلى ربه يوم القيامة ليلقى العقوبة الأنكى بما اقترفت يداه في حياته الأولى.
ـ الرحلة الثانية:
وهي رحلة المشرق حيث يصل إلى مكان يبرز لعين الرائي أن الشمس تطلع من خلف الأفق، ولم يحدد السياق أهو بحر أم يابسة، إلا أن القوم الذين كانوا عند مطلع الشمس كانوا في أرض مكشوفة بحيث لا يحجبهم عند شروقها مرتفعات جبلية أو أشجار سامقة، وذهب الشيخ محمد متولي الشعرواي إلى أن المقصود بقوله تعالى:"لَّمْ نَجْعَل لَّهُم مِّن دُونِهَا سِتْرًا" (الكهف، آية: 90)، هي بلاد القطب الذي تكون فيه الشمس ستة شهور لا تغيب طوال هذه الشهور ولا يوجد ظلام يستر الشمس في هذه الأماكن (?).
ونظراً لوضوح سياسة ذي القرنين في الشعوب التي تمكن منها وهو الدستور المعلن في رحلة الغرب لم يكرر هنا إعلان مبادئه لأنها منهج حياة ودستور دولة مترامية الأطراف وسياسة أمم فهو ملتزم بها أينما حل أو ارتحل (?).