الايمان بالقدر (صفحة 179)

وقال: وفر من المجذوم فرارك من الأسد (?)، وما غزواته المظفرة صلى الله عليه وسلم إلا مظهر من مظاهر إرادته العليا التي تجري حسب مشيئة الله وقدره، فقد أخذ الحذر وأعد الجيوش، وبعث الطلائع والعيون وظاهر بين درعين، ولبس المغفر على رأسه، وأقعد الرماة على فم الشعب، وخندق حول المدينة، وأذن في الهجرة إلى الحبشة وإلى المدينة وهاجر بنفسه واتخذ أسباب الحيطة في هجرته، أعد الرواحل التي يمتطيها والدليل الذي يصحبه وغير ذلك الطريق، واختبأ في الغار (?)، وكان إذا سافر في جهاد أو عمرة حمل الزاد والمزاد وهو سيد المتوكلين.

وقد أدرك الصحابة رضوان الله عليهم هذا المعنى وفهموا أن الإيمان بالقدر لا يعني ترك الأخذ بالأسباب ولهذا أدرك الصحابة رضوان الله عليهم هذا المعنى، وفهموا أن الإيمان بالقدر لا يعني ترك الأخذ بالأسباب، ولهذا أنكر عمر عن أبي عبيدة رضي الله عنهما ربطه القدر بعدم الإخذ بالأسباب، كما ورد في قصة طاعون عمواس الشهير، فحين همّ عمر بالرجوع إلى المدينة في حدود الشام، قال له أبو عبيدة بن الجراح: أفراراً من قدر الله؟ فدهش عمر لهذا الاعتراض وقال لأبي عبيدة: لو غيرك قالها يا أبا عبيدة: نعم نفر من قدر الله إلى قدر الله، ثم أردف قائلاً: أرأيت لو كان إبل هبطت وادياً له عدوتان إحداهما خصيبة والأخرى جديبة، أليس إن رعيت الخصبة رعيتها بقدر الله وإن رعيت الجديبة رعيتها بقدر الله (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015