إن الإيمان بالقدر لا يعارض الأخذ بالأسباب المشروعة، بل الأسباب مقدَّرة أيضاً كالمسببات، فمن زعم أن الله تعالى قدّر النتائج و المسببات من غير مقدماتها وأسبابها، فقد ذهل عن حقيقة القدر، وأعظم على الله الغرية، فالأسباب مقدّرة كالمسببات (?)، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لمن سأله عن الرّقي، هل ترد من قدر الله شيئاً؟ قال: هي من قدر الله (?)، وحياة الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه كانت قائمة على الأخذ بالأسباب وسيرته تشهد بأنه كان يتخذ كل الوسائل والتدابير وأسباب العمل (?).
إن سنن الله في كونه وشرعه تحتم علينا الأخذ بالأسباب كما فعل ذلك أقوى الناس إيماناً بالله وقضائه وقدره وهو رسول الله صلى الله عليه وسلم، لقد قاوم الفقر بالعمل، وقاوم الجهل بالعلم، وقاوم المرضى بالعلاج، وقاوم الكفر والمعاصي بالجهاد وكان يستعيد بالله من الهم والحزن، والعجز والكسل، وتعاطى أسباب الأكل والشرب، وادخر لأهله قوت سنة، ولم ينتظر أن ينزل عليه الرزق من السماء، وقال للذي سأله: أيعقل ناقته أم يتركها ويتوكل؟ قال: اعقلها وتوكل (?).