ودوافع البدعة كما ذكر الشاطبي رحمه الله هي: الجهل، حسن الظن بالعقل، واتباع الهدى، وكل ذلك من خطط الضلال وأسبابه والعياذ بالله، فالإحداث في الشريعة، إنما يقع إما من جهة الجهل، وإما من جهة تحسين الظن بالعقل، وإما من جهة اتباع الهوى في طلب الحق، وهذا الحق بحسب الاستقراء في الكتاب والسنة .. إلا أن الجهات الثلاثة قد تنفرد وقد تجتمع، فإذا اجتمعت فتارة تتعلق بالأدوات التي تفهم بها المقاصد وهي اللغة العربية، فإن الله أنزل القرآن بلفظ عربي ولا يستخرج أحكامه ويعرف مقاصده إلا من كان على علم باللغة وأصولها، وتارة تتعلق بالمقاصد، وذلك بالجهل أن الله أنزل الشريعة على رسوله صلى الله عليه وسلم فيها وتبيان كل شيء يحتاج إليه الخلق في تكاليفهم التي أمروا بها وتعبداتهم التي طوقوها في أعناقهم، ولم يمت رسول الله حتى كمل الدين بشهادة الله بذلك حيث قال تعالى:" الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا" (المائدة، آية: 3).
فكل من زعم أنه بقي في الدين شيء فقد كذب بقوله:" الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ".
وأما جهة تحسين الظن فتارة يشرك في التشريع مع الشرك، وتارة يقدم عليه، وهذان النوعان يرجعان إلى نوع واحد، وأما جهة اتباع الهوى فمن شأنه أن يغلب الفهم حتى يغلب صاحبه الأدلة أو يستند إلى غير دليل (?). من هنا يتبين أن الابتداع في الدين وعدم اتباع هدى الله سبحانه وتعالى سبب من أسباب الضلال (?).