وقد مضت سنة الله أن الإنسان إذا أحسن استخدام مواهبه من حواس ومشاعر ومدارك، ووجهها إلى إدراك دلائل الهدى في الكون والنفس، وما يجيء به الرسل من آيات وبينات، فإنه يؤمن ويهتدي بهذا الإيمان إلى طريق الخلاص (?).
وبين سبحانه وتعالى في آيات كثيرة أن الذين ينتفعون بالنظر في هذا الكون ومظاهره هم الذين يمعنون النظر والتفكير والتدبر بعقولهم، قال تعالى: "إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنزَلَ اللّهُ مِنَ السَّمَاء مِن مَّاء فَأَحْيَا بِهِ الأرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِن كُلِّ دَآبَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخِّرِ بَيْنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ" (البقرة، آية: 164).
ــ وقال تعالى: "إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآيَاتٍ لِّأُوْلِي الألْبَابِ * الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَىَ جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ" (آل عمران، آية: 190 ـ 191).
إن الله عز وجل وهب الإنسان من القوة والملكات ما جعله طريقاً إلى هدايته إذا أحسن استخدامه، فاستعمال السمع والبصر والفؤاد في النظر في آيات الله، والتفكر في دلالاتها من أول سبل الهداية إلى معرفة الله وصفاته، وإلى الإيمان بصدق رسله، وإلى مزيد من ذلك الهدى بعد الإيمان (?).