والجن:"وهذا القول بأن أمها جنية (أي أم بلقيس على حد زعم البعض) مستنكر في العقول لتباين الجنسين واختلاف الطبعين وتفاوت الجسمين، لأن الآدمي جسماني , والجني روحاني , وخلق الله الآدمي من صلصال كالفخار وخلق الجني من مارج من نار , ويمتنع الامتزاج من هذا التباين ويستحيل التناسل مع هذا الاختلاف، لكنه قيل فذكرته حاكياً." (?)
وأخيراً نقول: إن زواج الإنسي بالجنية على فرض إمكانية وقوعه - وهو مستبعد جداً - يترتب عليه مفاسد كثيرة، لقدرة الجنية على التشكل بصورة أخرى، وكيف يثق أن التي تخالطه هي زوجته حقاً، ربما كانت غيرها، ولأن الزواج لا بد فيه من ولي وشاهدي عدل كشرط صحة للنكاح، ولا بد من خلو المرأة من الموانع، وربما تعذر تحقق كل ذلك لاختلاف طبيعة الجن عن الإنس، إلى غير ذلك من الأمور.
والله أعلم. (?)
وقال ابن حجر الهيتمي:"وَاخْتلف الْعلمَاء فِي جَوَاز نكاحهم شرعا وَجَاء عَن مَالك رَضِي الله عَنهُ أَنه أجَازه وَلكنه كرهه لِئَلَّا يَدعِي الحبالى من الزِّنَا أَنه من الْجِنّ، وَكَذَا كرهه الحكم بن عُيَيْنَة وَقَتَادَة وَالْحسن وَعقبَة الْأَصَم وَالْحجاج ابْن أَرْطَاة. وَأخرج جرير عَن أَحْمد وَإِسْحَق أَنه - صلى الله عليه وسلم - نهى عَنهُ، وَمن ثمَّ كرهه إِسْحَق لَكِن فِي (الفتاوي السِّرَاجِيَّة) للحنفية أَنه لَا تجوز المناكحة بَين الْإِنْس وَالْجِنّ وإنسان المَاء لاخْتِلَاف الْجِنْس، وَبِه أفتى شيخ الْإِسْلَام الْبَارِزِيّ من أَئِمَّتنَا، لِأَن الله تَعَالَى امتنّ علينا بِأَن خلق لنا من أَنْفُسنَا أَزْوَاجًا فَلَو جَازَ نِكَاح الْجِنّ مَا حصل الامتنان بذلك. قَالَ الْمُفَسِّرُونَ: معنى الْآيَة أَي آيَة النَّحْل وَالروم {جَعَلَ لَكُمْ مِّنْ أَنفُسِكُمْ} [النَّحْل:72] أَي من جنسكم ونوعكم وعَلى خَلقكُم ... " (?)
وقال أستاذنا الزحيلي أطال الله عمره:" وعرفه الحنفية بقولهم: عقد يفيد ملك المتعة قصداً، أي حل استمتاع الرجل من امرأة، لم يمنع من نكاحها مانع شرعي، بالقصد