والتفاضل في الإيمان بدخول زيادة الإيمان والنقص فيه يكون من وجوه متعددة: (أحدها): الأعمال الظاهرة، فإن الناس يتفاضلون فيها، وتزيد وتنقص (?)، وهذا مما اتفق الناس على دخول الزيادة فيه والنقصان، لكن نزاعهم في دخول ذلك في مسمى الإيمان، فالنفاة يقولون: هو من ثمرات الإيمان ومقتضاه، فأدخل يه مجازًا بهذا الاعتبار، وهذا معنى زيادة الإيمان عندهم ونقصه، أي زيادة ثمراته ونقصانها، فيقال: قد تقدم أن هذا من لوازم الإيمان وموجباته، فإنه يمتنع أن يكون إيمان تام في القلب بلا قول ولا عمل ظاهر، وأما كونه لازمًا له أو جزءًا منه فهذا يختلف بحسب حال استعمال لفظ الإيمان مفردًا [أو] (?) مقرونًا بلفظ الإسلام والعمل كما تقدم.
وأما قولهم: الزيادة في العمل الظاهر لا في موجبه ومقتضيه فهذا غلط، فإن تفاضل (?) معلول الأشياء ومقتضاها يقتضي تفاضلها في أنفسها، وإلا فإذا تماثلت الأسباب الموجبة لزم تماثل موجها ومقضاها، فتفاضل الناس في الأعمال الظاهرة يقتضي تفاضلهم في موجب ذلك ومقتضيه، ومن هذا يبين (?):
(الوجه الثاني): في زيادة الإيمان ونقصه: وهو زيادة أعمال القلوب ونقصها، فإنه من المعلوم بالذوق الذي يجده كل مؤمن، أن الناس يتفاضلون في حب الله ورسوله، وخشية الله (?)، والإنابة إليه، والتوكل عليه، والإخلاص له، وفي سلامة القلوب من الرياء والكبر والعجب، ونحو ذلك، والرحمة للخلق، والنصح لهم، ونحو ذلك من الأخلاق الإيمانية.