بكيت تفكرًا، ولكنه أراد أن يقول أفناني النحول فلم يبق مني وفي غير خواطر تجول، وحتى لو شئت البكاء فمريت جفوني وعصرت عيني ليسيل منها دمع لم أجده، ولخرج منها بدل الدمع التفكر، فالمراد بالبكاء في الأول الحقيقي وفي الثاني غير الحقيقي1، فالثاني لا يصلح؛ لأن يكون تفسيرًا للأول.
2- وإما لدفع أن يتوهم السامع في أول الأمر إرادة شيء غير المراد كقول البحتري:
وكم ذدت2 عني من تحامل حادث ... وسورة أيام حززن إلى العظم
إذ لو قال حززن اللحم لجاز أن يتوهم السامع قبل ذكر ما بعده أن الحز كان في بعض اللحم ولم ينته إلى العظم، فترك ذكر اللحم