ليبرئ السامع من هذا الوهم، ويصور في نفسه من أول الأمر أن الحز مضى في اللحم حتى لم يرده إلا العظم.
3- وأما؛ لأنه أريد ذكره ثانيا على وجه يتضمن إيقاع الفعل1 على صريح لفظه2، إظهارًا لكمال العناية بوقوعه3 عليه كقول البحتري أيضًا في مدح المعتز بالله:
قد طلبنا فلم نجد لك في السؤ ... دد والمجد والمكارم مثلا4
أي قد طلبنا لك مثلًا في السؤدد والمجد والمكارم، فحذف المثل إذ كان غرضه أن يوقع نفي الوجود على صريح لفظ المثل. ولأجل هذا المعنى بعينه عكس ذو الرمة في قوله:
ولم أمدح لأرضيه بشعري ... لئيمًا أن يكون أصاب مالًا5
فإنه أعمل الفعل الأول الذي هو أمدح في صريح لفظ "اللئيم"، والثاني الذي هو أرضى في ضميره، إذا كان غرضه إيقاع نفي المدح على اللئيم صريحًا دون الإرضاء ويجوز أن يكون سبب الحذف في بيت البحتري قصد المبالغة في التأدب مع الممدوح، بترك مواجهته بالتصريح.