ثم ذكر فاطمة، وهي أحب بنات النبي صلى الله عليه وسلم إليه، والإمام الذهبي لما ترجم لها في الأعلام قال: هي البضعة النبوية، والجهة المصطفوية، وكانت أشبه الناس مشية برسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان عليه الصلاة والسلام يحبها ويجلها ويعظمها، وإذا دخلت قام لها ويقبلها ويضمها، فقد كانت قطعة منه، ويقول: (فاطمة بضعة مني يريبني ما رابها، ويضيرني ما أضرها أو كلمة نحوها)، وأنجب منها علي: الحسن والحسين، ولذلك كان عليه الصلاة والسلام يحب الحسن والحسين حباً جماً، وكان يضعهما على كتفيه ويقبل هذا مرة وهذا مرة، ويقول: (اللهم إني أحبهما فأحبهما)، وقال: (هما ريحانتاي من الدنيا)، (وقطع خطبته وهو على المنبر لما دخلا عليه وعليهما قميصان أحمران يمشيان فيعثران، فنزل من المنبر وقطع الخطبة وتركها ونزل وحملهما ووضعهما بين يديه، ثم التفت إلى الناس وقال: صدق الله ورسوله إنما أموالكم وأولدكم فتنة، لقد نظرت إلى ابني هذين يمشيان فيعثران فلم أصبر حتى نزلت وحملتهما)، ومع ذلك يوجد من الناس سهواً أو خطأً أو جهلاً من يتباعد عن أن يسمي بـ الحسن والحسين، ويقول: إن هذا تقر به أعين الشيعة، والحق لا يترك إذا تلبس به أهل الباطل، فتسمية الحسن والحسين هذا تسمية نبوية لا يمكن أن تترك لكون أحداً نبغضه فعل هذا، وكذلك ترك بعض الناس التسمية بأسماء بعض آل البيت كـ قثم والعباس وفضل، فقلما يوجد هذا بين الناس رغم أنه تسمية لآل بيت نبينا صلى الله عليه وسلم، والله يقول: {قُلْ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى} [الشورى:23]، وقد حث النبي عليه الصلاة والسلام على حب آل بيته وعلى نصرتهم وعلى موالاتهم في أحاديث كثر منها أنه قال: (تركت فيكم الثقلين: كتاب الله وعترتي، فإنهما لن يختلفا حتى يردا علي الحوض)، لكن حب آل البيت يكون مقيداً بالضوابط الشرعية، ويكون المؤمن فيه لا مجافٍ ولا مغالٍ كما هو ديدن المسلم في سائر أمره، والله أعلم.