ومن هذه الشبهات التي ظل بسببها المبتدعة في باب القدر:
أ-قولهم: لو كانت أفعال العباد خلقاً لله لبطل التكليف والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ولسقطت بعثة الرسل، ولقبحت المساءلة والمحاسبة والمعاقبة؛ لأنه لا يجوز أن ينهى الله عما خلقه، ولا أن يأمر بما يفعله هو؛ إذ لا فائدة من ذلك، كما أنه لا يجوز أن يثيب ويعاقب على فعله (?).
ب- أنه يحسن المدح على الحسن من أفعال الناس والذم على قبيحها دون المدح والذم على حسن الهيئة وضده، أو طول القامة وقصرها، فدل هذا الفرق على أن أفعال العباد محدثة من جهتهم بخلاف الهيئة والصورة فإنها من عند الله (?).
ت- أنا "نحتاج في هذه الأفعال إلى آلات وقدر وارتفاع الحواجز؛ لأنه إذا أراد الرامي الإصابة فلا بد له من قوس وآلة، وألا يكون بينه وبين المرمى حاجز، وأن يكون عالماً، وأن يكون قوياً ليبلغ الرمي بشدة اعتماده، ولو كان من فعل الله تعالى لما احتاج إلى ذلك؛ لأنه تعالى فيما يفعله لا يحتاج إلى هذه الأمور، تعالى الله عن ذلك" (?).
وكل هذا مردود بالكتاب والسنة والإجماع (?)، بأن أفعال العباد مخلوقة لله تعالى، وليس بعد الحق إلا الضلال، مع ضرورة التسليم بالشرع والقدر، واستحالة التعارض بينهما (?).