السليم غير متصور أصلاً، بل هو مستحيل؛ لأن العقل السليم لا يعارض الحق، فإذا جاء ما يوهم ذلك فإن الوحي مقدم ومحكم؛ لأنه صادر عن المعصوم - صلى الله عليه وسلم - والعقل لا عصمة له، بل هو نظر البشر الناقص، وتقديمه على كلام الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم - ضلال وتعسف (?).

المعلم الثالث: بغضهم لأهل السنة والجماعة:

التبس على هؤلاء الحق بالباطل، بسبب إعراضهم عن الوحي، واتباع العقول المتضاربة والمختلفة، فظنوا أن ما هم عليه هو الحق، وأن ما عليه سلف الأمة وأئمتها هو الباطل، ولذلك عادوا السنة وأهلها ورموها عن قوس واحدة بالأقوال الشنيعة- كتسميتهم إيَّاهم حشوية وجهلة وظاهرية-، ووصفوا كتبهم بالأوصاف المنفرة منها، بل حذروا من قراءتها (?).

ولا عجب فأهل الحق يقعون في (الوسط) فخلافهم يكون مع جميع أهل الأطراف على اختلاف عقائدهم ونحلهم، ولم يقف الأمر عند هذا الحد بل إن الغالي منهم يرى المعتدل متساهلاً، والمتساهل يرى المعتدل غالياً ومتشدداً.

قال الإمام الحافظ أبو حاتم الرازي: "علامة أهل البدع الوقيعة في أهل الأثر وعلامة الجهمية أن يسموا أهل السنة مشبهة ونابتة وعلامة القدرية أن يسموا أهل السنة مجبرة وعلامة الزنادقة أن يسموا أهل الأثر حشوية " (?).

قال أبو زرعة - رحمه الله -: "إذا رأيت الكوفي يطعن على سفيان الثوري (?) وزائدة (?): فلا تشك أنّه رافضي، وإذا رأيت الشامي يطعن على مكحول (?) والأوزاعي (?): فلا تشك أنّه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015