ناصبي، وإذا رأيت الخراساني يطعن على عبد الله بن المبارك: فلا تشك أنّه مرجئ، واعلم أنّ هذه الطوائف كلها مجمعة على بغض أحمد بن حنبل؛ لأنّه ما من أحد إلا وفي قلبه منه سهم لا بُرْء له" (?).
كل هؤلاء اختلفوا في تسمياتهم واتفقوا على محاربة السنة، ولا يخفى أن الغاية تكون في الغالب لهدف التنفير والتحذير منهم وليس لكونهم متجاوزين لحدود الشريعة ووسطية الإسلام (?).
يقول الشيخ جمال الدين القاسمي - رحمه الله -: "من المعروف في سنن الاجتماع أن كل طائفة كثر سوادها، لا بد أن يوجد فيها الأصيل والدخيل والمعتدل والمتطرف والغالي والمتسامح وقد وجد بالاستقراء أن صوت الغالي أقوى صدى وأعظم استجابة؛ لأن التوسط منزلة الاعتدال، ومن يحرص عليه قليل في كل عصر ومصر، وأما الغلو فمشرب الأكثر ورغيبة السواد الأعظم وعليه درجت طوائف الفرق والنحل (?)، فحاولت الاستئثار بالذكرى، والتفرد بالدعوى
ولم تجد لاستتباع الناس لها إلا الغلو بنفسها وذلك بالحط من غيرها والإيقاع بسواها حسبما تسنح لها الفرص ... إن كان بالسنان أو باللسان" (?).
من أبرز معالم أصحاب البدع المتقابلة، كثرة الجدل والخصومات في الدين، مع قلة العمل المفيد والمثمر.
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: ((مَا ضَلَّ قَوْمٌ بَعْدَ هُدًى كَانُوا عَلَيْهِ إِلَّا أُوتُوا الْجَدَلَ, ثُمَّ قَرَأَ: {مَا ضَرَبُوهُ لَكَ إِلَّا جَدَلًا بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ (58)})) (?).