ودين الإسلام وسط لا تشديد فيه ولا تحلل منه، فكلا الطرفين مذموم، والوسط خير، ولهذا قال سبحانه: {قُلْ يَاأَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ} المائدة: 77، وقال -عليه الصلاة والسلام-: ((هلك المتنطعون)) قالها ثلاثاً (?).

فالخروج عن هذا المنهج، والتنكب عن هذه العقيدة الواضحة، يفضي بصاحبه: إما إلى غلو وإفراط، وإما إلى تفريط وتضييع، وإما إلى الجمع بينهما (?)،

وكُل ذلك مذموم في دين الله، وخروج عن المنهج الوسط الذي اختاره الله للأمة (?). وعدم الجنوح إلى الإفراط أو التفريط هو عين الحكمة وجوهرها.

الآية الثالثة: قال الله تعالى: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (6) صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ (7)} الفاتحة: 6 - 7.

هذه الآية تحذر من الغلو والجفاء اللذين هما طرفا النقيض للاستقامة، التي أشارت إليها الآية السابقة ونبهت إلى وجوب لزوم الصراط المستقيم الذي لا عوج فيه.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - منبهاً إلى هذا الملحظ: " ولما أمرنا الله سبحانه: أن نسأله في كل صلاة أن يهدينا الصراط المستقيم صراط الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين المغايرين للمغضوب عليهم وللضالين (?) كان ذلك مما يبين

طور بواسطة نورين ميديا © 2015