وَاخْتَارَ فِي التَّرْغِيبِ: أَنَّ دَعْوَى الْإِقْرَارِ بِالْمَعْلُومِ لَا تَصِحُّ. لِأَنَّهُ لَيْسَ بِالْحَقِّ وَلَا مُوجِبُهُ، فَكَيْفَ بِالْمَجْهُولِ؟ .
وَقَالَ فِي التَّرْغِيبِ أَيْضًا: لَوْ ادَّعَى دِرْهَمًا، وَشَهِدَ الشُّهُودُ عَلَى إقْرَارِهِ: قُبِلَ. وَلَا يَدَّعِي الْإِقْرَارَ، لِمُوَافَقَتِهِ لَفْظَ الشُّهُودِ، بَلْ لَوْ ادَّعَى لَمْ تُسْمَعْ. وَفِي التَّرْغِيبِ فِي اللُّقَطَةِ: لَا تُسْمَعُ. وَقَالَ الْآمِدِيُّ: لَوْ ادَّعَتْ امْرَأَةٌ " أَنَّ زَوْجَهَا: أَقَرَّ أَنَّهَا أُخْتُهُ مِنْ الرَّضَاعِ، أَوْ ابْنَتَهُ " وَأَنْكَرَ الزَّوْجُ. فَأَقَامَتْ بَيِّنَةً عَلَى إقْرَارِهِ بِذَلِكَ: لَمْ تُقْبَلْ. لِأَنَّهَا شَهَادَةٌ عَلَى الْإِقْرَارِ عَلَى الرَّضَاعِ. قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: لَعَلَّ مَأْخَذَهُ: أَنَّهَا ادَّعَتْ بِالْإِقْرَارِ لَا بِالْمُقَرِّ بِهِ. وَلَكِنْ هَذِهِ الشَّهَادَةُ تُسْمَعُ بِغَيْرِ دَعْوَى. لِمَا فِيهَا مِنْ حَقِّ اللَّهِ. عَلَى أَنَّ الدَّعْوَى بِالْإِقْرَارِ فِيهَا نَظَرٌ. فَإِنَّ الدَّعْوَى بِهَا تَصْدِيقُ الْمُقِرِّ. فَوَائِدُ
الْأُولَى: مِنْ شَرْطِ صِحَّةِ الدَّعْوَى: أَنْ تَكُونَ مُتَعَلِّقَةً بِالْحَالِ. عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ. وَقِيلَ: تُسْمَعُ بِدَيْنٍ مُؤَجَّلٍ لِإِثْبَاتِهِ. قَالَ فِي التَّرْغِيبِ: الصَّحِيحُ أَنَّهَا تُسْمَعُ. فَيَثْبُتُ أَصْلُ الْحَقِّ لِلُزُومِهِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ كَدَعْوَى تَدْبِيرٍ، وَأَنَّهُ يُحْتَمَلُ فِي قَوْلِهِ " قَتَلَ أَبِي أَحَدُ هَؤُلَاءِ الْخَمْسَةِ " أَنَّهَا تُسْمَعُ لِلْحَاجَةِ، لِوُقُوعِهِ كَثِيرًا. وَيَحْلِفُ كُلٌّ مِنْهُمْ. وَكَذَا دَعْوَى غَصْبٍ وَإِتْلَافٍ وَسَرِقَةٍ، لَا إقْرَارٍ وَبَيْعٍ. إذَا قَالَ: نَسِيت. لِأَنَّهُ مُقَصِّرٌ.