وَقَالَ أَيْضًا: لَا يُعْتَبَرُ فِي أَدَاءِ الشَّهَادَةِ قَوْلُهُ " وَأَنَّ الدَّيْنَ بَاقٍ فِي ذِمَّةِ الْغَرِيمِ إلَى الْآنَ " بَلْ يَحْكُمُ الْحَاكِمُ بِاسْتِصْحَابِ الْحَالِ إذَا ثَبَتَ عِنْدَهُ سَبْقُ الْحَقِّ إجْمَاعًا. وَقَالَ أَيْضًا فِيمَنْ بِيَدِهِ عَقَارٌ، فَادَّعَى رَجُلٌ بِمَثْبُوتٍ عِنْدَ الْحَاكِمِ " أَنَّهُ كَانَ لِجَدِّهِ إلَى مَوْتِهِ، ثُمَّ لِوَرَثَتِهِ " وَلَمْ يَثْبُتْ أَنَّهُ مُخْلِفٌ عَنْ مَوْرُوثِهِ لَا يُنْزَعُ مِنْهُ بِذَلِكَ. لِأَنَّ أَصْلَيْنِ تَعَارَضَا. وَأَسْبَابُ انْتِقَالِهِ أَكْثَرُ مِنْ الْإِرْثِ، وَلَمْ تَجْرِ الْعَادَةُ بِسُكُوتِهِمْ الْمُدَّةَ الطَّوِيلَةَ. وَلَوْ فَتَحَ هَذَا لَانْتَزَعَ كَثِيرٌ مِنْ عَقَارِ النَّاسِ بِهَذِهِ الطَّرِيقِ.

وَقَالَ فِيمَنْ بِيَدِهِ عَقَارٌ، فَادَّعَى آخَرُ " أَنَّهُ كَانَ مِلْكًا لِأَبِيهِ " فَهَلْ يُسْمَعُ مِنْ غَيْرِ بَيِّنَةٍ؟ قَالَ: لَا يُسْمَعُ إلَّا بِحُجَّةٍ شَرْعِيَّةٍ، أَوْ إقْرَارِ مَنْ هُوَ فِي يَدِهِ، أَوْ تَحْتَ حُكْمِهِ. وَقَالَ فِي بَيِّنَةٍ شَهِدَتْ لَهُ بِمِلْكِهِ إلَى حِينِ وَقْفِهِ، وَأَقَامَ الْوَارِثُ بَيِّنَةً " أَنَّ مَوْرُوثَهُ اشْتَرَاهَا مِنْ الْوَاقِفِ قَبْلَ وَقْفِهِ " قُدِّمَتْ بَيِّنَةُ وَارِثٍ. لِأَنَّ مَعَهَا مَزِيدَ عِلْمٍ لِتَقْدِيمِ مَنْ شَهِدَ بِأَنَّهُ وَرِثَهُ مِنْ أَبِيهِ، وَآخَرُ أَنَّهُ بَاعَهُ. انْتَهَى. قَوْلُهُ (إلَّا فِي الْوَصِيَّةِ وَالْإِقْرَارِ. فَإِنَّهَا تَجُوزُ بِالْمَجْهُولِ) . وَكَذَلِكَ فِي الْعَبْدِ الْمُطَلِّقِ فِي الْمَهْرِ، إذَا قُلْنَا: يَصِحُّ. وَهَذَا الْمَذْهَبُ. وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُغْنِي، وَالْمُحَرَّرِ، وَالشَّرْحِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَالْوَجِيزِ، وَغَيْرِهِمْ. وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِ. وَقَالَ فِي الرِّعَايَتَيْنِ كَوَصِيَّةٍ، وَعَبْدِ مُطَلِّقٍ فِي مَهْرٍ، أَوْ نَحْوِهِ. وَقِيلَ: أَوْ إقْرَارٍ. وَقَالَ فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذَهَّبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ: وَلَا تَصِحُّ إلَّا مُحَرَّرَةً، يَعْلَمُ بِهَا الْمُدَّعِي، إلَّا فِي الْوَصِيَّةِ خَاصَّةً. فَإِنَّهَا تَصِحُّ مِنْ الْمَجْهُولِ. وَقَالَهُ غَيْرُهُمْ. وَقَالَ فِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ: يَصِحُّ الْإِقْرَارُ بِالْمَجْهُولِ، لِئَلَّا يَسْقُطَ حَقُّ الْمُقِرِّ لَهُ. وَلَا تَصِحُّ الدَّعْوَى. لِأَنَّهَا حَقٌّ لَهُ. فَإِذَا رُدَّتْ عَلَيْهِ عَدَلَ إلَى مَعْلُومٍ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015