وَذَكَرَ مَا رَوَاهُ عَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - مَرْفُوعًا «لَيَأْتِيَنَّ عَلَى الْقَاضِي الْعَدْلِ سَاعَةٌ يَتَمَنَّى أَنَّهُ لَمْ يَقْضِ بَيْنَ اثْنَيْنِ فِي تَمْرَةٍ» . قَالَ فِي الْحَاوِي عَنْ الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ: هَذِهِ الرِّوَايَةُ مَحْمُولَةٌ عَلَى مَنْ لَا يَأْمَنُ عَلَى نَفْسِهِ الضَّعْفَ فِيهِ، أَوْ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ الزَّمَانَ كَانَ الْحُكَّامُ يَحْمِلُونَ فِيهِ الْقُضَاةَ عَلَى مَا لَا يَحِلُّ، وَلَا يُمْكِنُهُمْ الْحُكْمُ بِالْحَقِّ. انْتَهَى.
تَنْبِيهٌ ظَاهِرُ قَوْلِهِ " وَيَجِبُ عَلَى مَنْ يَصْلُحُ لَهُ إذَا طُلِبَ " أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الطَّلَبُ. وَهُوَ صَحِيحٌ. وَهُوَ الْمَذْهَبُ. قَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ، وَالْفُرُوعِ. وَقِيلَ: يَلْزَمُهُ الطَّلَبُ. وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الشَّارِحِ. وَيَحْتَمِلُهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ هُنَا. وَقِيلَ: يَحْرُمُ الطَّلَبُ، لِخَوْفِهِ مَيْلًا.
فَائِدَةٌ قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَإِنْ وَثِقَ بِغَيْرِهِ: فَيُتَوَجَّهُ أَنَّهُ كَالشَّهَادَةِ. وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ: مُخْتَلِفٌ.
قَوْلُهُ (فَإِنْ وُجِدَ غَيْرُهُ: كُرِهَ لَهُ طَلَبُهُ بِغَيْرِ خِلَافٍ فِي الْمَذْهَبِ) . يَعْنِي: فِيمَا إذَا اطَّلَعَ عَلَيْهِ. وَهُوَ الْمَذْهَبُ. وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ. وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ مِنْهُمْ وَعَنْهُ: لَا يُكْرَهُ لَهُ طَلَبُهُ لِقَصْدِ الْحَقِّ، وَدَفْعِ غَيْرِ الْمُسْتَحِقِّ. وَقِيلَ: يُكْرَهُ مَعَ وُجُودِ أَصْلَحَ مِنْهُ، أَوْ غِنَاهُ عَنْهُ أَوْ شُهْرَتِهِ. ذَكَرَهُ فِي الرِّعَايَةِ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَيُتَوَجَّهُ وَجْهٌ، بَلْ يُسْتَحَبُّ طَلَبُهُ لِقَصْدِ الْحَقِّ. وَدَفْعِ غَيْرِ الْمُسْتَحِقِّ. قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَيُتَوَجَّهُ وَجْهٌ: يَحْرُمُ بِدُونِهِ.