وَعَنْهُ: أَنَّ الْقُرْبَى مِنْ جِهَةِ الْأَبِ لَا تَحْجُبُ الْبُعْدَى مِنْ جِهَةِ الْأُمِّ. فَتُشَارِكُهَا. وَهَذَا هُوَ الْمَنْصُوصُ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -. قَالَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَغَيْرِهِ. وَجَزَمَ بِهِ الْقَاضِي فِي جَامِعِهِ. وَلَمْ يَعْزُ فِي كِتَابِ الرِّوَايَتَيْنِ الرِّوَايَةَ الْأُولَى إلَّا إلَى الْخِرَقِيِّ. وَصَحَّحَهُ ابْنُ عَقِيلٍ فِي تَذْكِرَتِهِ. قَالَ فِي إدْرَاكِ الْغَايَةِ: تُشَارِكُهَا فِي الْأَشْهَرِ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُذْهَبِ، وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ، وَالْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّا. فَعَلَى الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ: لَا يُتَصَوَّرُ أَنَّ جَدَّةً تَرِثُ مَعَهَا أُمُّهَا. مِثْلُ: أَنْ يَكُونَ لِلْمَيِّتِ جَدَّةٌ، هِيَ أُمُّ أَبِيهِ. وَتَكُونُ أُمُّهَا أُمَّ أُمِّ الْمَيِّتِ. وَذَلِكَ: بِأَنْ يَتَزَوَّجَ أَبُو الْمَيِّتِ بِابْنَةِ خَالَتِهِ، وَجَدَّتُهُ الَّتِي هِيَ أُمُّ خَالَتِهِ مَوْجُودَةٌ. وَكَذَلِكَ ابْنَتُهَا الَّتِي هِيَ أُمُّهُ. ثُمَّ تُخَلِّفُ وَلَدًا، فَيَمُوتُ الْوَلَدُ. فَيُخَلِّفُ أُمَّ أَبِيهِ وَأُمَّهَا، الَّتِي هِيَ أُمُّ أُمِّ أُمِّهِ. فَيَشْتَرِكَانِ فِي الْمِيرَاثِ عَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ. فَيُعَايَى بِهَا. قُلْت: وَيُحْتَمَلُ عَدَمُ إرْثِهَا عَلَى كِلَا الرِّوَايَتَيْنِ. وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ فِي الْحَجْبِ. لِأَنَّهُمْ أَسْقَطُوا الْأَعْلَى فَالْأَعْلَى مِنْ الْجَدَّاتِ بَيْنَهُمَا.
قَوْلُهُ (فَأَمَّا أُمُّ أَبِي الْأُمِّ، وَأُمُّ أَبِي الْجَدِّ: فَلَا مِيرَاثَ لَهُمَا) أَمَّا أُمُّ أَبِي الْأُمِّ: فَهِيَ مِنْ ذَوِي الْأَرْحَامِ، عَلَى مَا يَأْتِي. وَأَمَّا أُمُّ أَبِي الْجَدِّ: فَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ: أَنَّهَا مِنْ ذَوِي الْأَرْحَامِ. فَلَا تَرِثُ بِنَفْسِهَا فَرْضًا. وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَغَيْرِهِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِ.