قَالَ الْحَارِثِيُّ: مَحَلُّ هَذَا فِي غَيْرِ الْمُتْلَفِ. أَمَّا الْمُتْلَفُ: فَإِنَّهُ لَا يَثْبُتُ فِي ذِمَّتِهِ. وَهُوَ الْمَذْهَبُ بِلَا إشْكَالٍ. وَلَمْ يَحْكِ الْقَاضِي فِي رُءُوسِ مَسَائِلِهِ فِيهِ خِلَافًا. انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الشَّرْحِ، وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى، وَالْفَائِقِ، وَالْفُرُوعِ. فَعَلَى الْوَجْهِ الْأَوَّلِ: هَلْ يَمْلِكُ الْأَبُ إبْرَاءَ نَفْسِهِ مِنْ الدَّيْنِ؟ قَالَ الْقَاضِي: فِيهِ نَظَرٌ. قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: يَمْلِكُ الْأَبُ إسْقَاطَ دَيْنِ الِابْنِ عَنْ نَفْسِهِ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَذَكَرَ غَيْرُ الْقَاضِي: أَنَّهُ لَا يَمْلِكُهُ كَإِبْرَائِهِ غَرِيمَ الِابْنِ وَقَبْضِهِ مِنْهُ. انْتَهَى.
وَيَأْتِي قَرِيبًا فِي الْقَاعِدَةِ الثَّالِثَةِ: هَلْ يَسْقُطُ الدَّيْنُ بِمَوْتِ الْأَبِ؟ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَيْضًا: أَنَّهُ لَوْ وَجَدَ عَيْنَ مَالِهِ الَّذِي بَاعَهُ أَوْ أَقْرَضَهُ بَعْدَ مَوْتِ أَبِيهِ: أَنَّ لَهُ أَخْذَهُ، إنْ لَمْ يَكُنْ انْتَقَدَ ثَمَنَهُ. وَهُوَ إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ. وَقَدَّمَ فِي الْمُغْنِي كَمَا تَقَدَّمَ أَنَّ الْأَبَ إذَا مَاتَ يَرْجِعُ الِابْنُ فِي تَرِكَتِهِ بِدَيْنِهِ. لِأَنَّهُ لَمْ يَسْقُطْ عَنْ الْأَبِ. وَإِنَّمَا تَأَخَّرَتْ الْمُطَالَبَةُ بِهِ. انْتَهَى. قُلْت: هَذَا فِي الدَّيْنِ. فَفِي الْعَيْنِ بِطَرِيقٍ أَوْلَى.
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: لَيْسَ لَهُ أَخْذُهُ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُبْهِجِ، وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى، وَالْفُرُوعِ، وَالْفَائِقِ، وَشَرْحِ الْحَارِثِيِّ قَالَ فِي الْمُبْهِجِ، وَالْحَارِثِيُّ: وَكَذَا لَوْ وَجَدَ بَعْضَهُ.
فَوَائِدُ: الْأُولَى: لَيْسَ لِوَرَثَةِ الِابْنِ مُطَالَبَةُ أَبِيهِ بِمَا لِلِابْنِ عَلَيْهِ مِنْ الدَّيْنِ وَغَيْرِهِ. كَالِابْنِ نَفْسِهِ، عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. جَزَمَ بِهِ فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَالْحَارِثِيُّ.