قَالَ الْحَارِثِيُّ: ثُمَّ ذَكَرَ الْقَاضِي، وَابْنُ عَقِيلٍ، وَالْمُصَنِّفُ فِي كِتَابَيْهِ: أَنَّهُ يَفْسَخُ الْإِقَالَةَ، لِيَرْجِعَ الشِّقْصُ إلَى الْمُشْتَرِي فَيَأْخُذَ مِنْهُ. قَالَ الْمُصَنِّفُ: لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُهُ الْأَخْذُ مَعَهَا. وَقَالَ ابْنُ أَبِي مُوسَى: لِلشَّفِيعِ انْتِزَاعُهُ مِنْ يَدِ الْبَائِعِ. قَالَ الْحَارِثِيُّ: وَالْأَوَّلُ أَوْلَى. لِأَنَّ الِاسْتِشْفَاعَ الِانْتِزَاعُ مِنْ يَدِ الْمُشْتَرِي. وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ " لَا يُمْكِنُ الْأَخْذُ مَعَهَا ". وَقَدْ نَصَّ الْإِمَامُ أَحْمَدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي رِوَايَةِ ابْنِ الْحَكَمِ عَلَى بُطْلَانِ الشُّفْعَةِ. وَحَمَلَهُ الْقَاضِي عَلَى أَنَّ الشَّفِيعَ عَفَا وَلَمْ يُطَالِبْ. وَتَبِعَهُ ابْنُ عَقِيلٍ. قَالَ فِي الْمُسْتَوْعِبِ: وَعِنْدِي أَنَّ الْكَلَامَ عَلَى ظَاهِرِهِ. وَمَتَى تَقَايَلَا قَبْلَ الْمُطَالَبَةِ بِالشُّفْعَةِ: لَمْ تَجِبْ الشُّفْعَةُ. كَذَا قَالَ صَاحِبُ التَّلْخِيصِ، وَزَادَ: فَيَكُونُ عَلَى رِوَايَتَيْنِ. قَالَ الْحَارِثِيُّ: وَالْبُطْلَانُ هُوَ الَّذِي يَصِحُّ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -.

فَائِدَةٌ: لَوْ تَقَايَلَا بَعْدَ عَفْوِ الشَّفِيعِ، ثُمَّ عَنَّ لَهُ الْمُطَالَبَةُ: فَفِي الْمُجَرَّدِ وَالْفُصُولِ إنْ قِيلَ: الْإِقَالَةُ فَسْخٌ، فَلَا شَيْءَ لَهُ. وَإِنْ قِيلَ: هِيَ بَيْعٌ، تَجَدَّدَتْ الشُّفْعَةُ. وَأَخَذَ مِنْ الْبَائِعِ لِتَجَدُّدِ السَّبَبِ. فَهُوَ كَالْعَوْدِ إلَيْهِ بِالْبَيْعِ الصَّرِيحِ. وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ الْحَارِثِيُّ. وَإِنْ فُسِخَ الْبَيْعُ بِعَيْبٍ قَدِيمٍ، ثُمَّ عَلِمَ الشَّفِيعُ وَطَالَبَ مُقَدَّمًا عَلَى الْعَيْبِ. فَقَالَ الْمُصَنِّفُ هُنَا: لَهُ الشُّفْعَةُ. كَذَا قَالَ الْأَصْحَابُ: الْقَاضِي، وَأَبُو الْخَطَّابِ، وَابْنُ عَقِيلٍ فِي آخَرِينَ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَالْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَالنَّظْمِ، وَالْوَجِيزِ، وَغَيْرِهِمْ. وَقَدَّمَهُ فِي الْمُسْتَوْعِبِ، وَالتَّلْخِيصِ، وَالْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِمْ. وَعَنْهُ لَيْسَ لَهُ الْأَخْذُ إذَا فُسِخَ بِعَيْبٍ. ذَكَرَهُ فِي الْمُسْتَوْعِبِ، وَالتَّلْخِيصِ، أَخْذًا مِنْ نَصِّهِ فِي رِوَايَةِ ابْنِ الْحَكَمِ فِي الْمُقَايَلَةِ. وَأَكْثَرُهُمْ حَكَاهُ قَوْلًا، وَمَالَ إلَيْهِ الْحَارِثِيُّ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015